طوال السنوات الثلاث الماضية كان زوار قصر فرساي يشعرون بالاحباط عند زيارتهم لقاعة المرايا أفخم قاعات القصر بسبب عملية التجديد التي كانت تجري فيها. واخيرا وبعد عملية تجديد تكلفت 16 مليون دولار، تم افتتاح القاعة بأكملها للجمهور، واصبحت، بقدر الامكان، كما كانت تبدو بالنسبة للويس الرابع عشر في عام 1684. وتظل القاعة ـ التي توجد فيها 357 مرآة و17 بابا زجاجيا وحوائط مغطاة بالرخام واللوحات الجدارية والثريات والاسقف المرسومة ـ موقعا يبهر الأبصار بعظمته وهو ما كان ينويه الملك لويس الرابع عشر (ملك الشمس).
ولكن القاعة لم تستعد كامل رونقها كحالتها عندما كانت جديدة، فقد ترك الزمن بصماته عليها، وبالرغم من عدم وضوح ذلك بالنسبة للزوار فإن الخبراء يعلمون مكان تلك المشاكل التي يعاني منها القصر. وبالرغم من تجديد قاعة المرايا خلال 15 سنة من افتتاحها، فإن هذه هي المرة الاولى في اكثر من ثلاثة قرون التي جرى تنظيفها وتجديدها من اعلاها لاسفلها: من 30 لوحة لشارل لوبرون التي تغطي سقف القاعة بأكملها الى 84 الف قطعة من الباركيه تغطي الارضية. وقد ادارت المشروع ومولته شركة المقاولات الفرنسية «بي تي بي فينسي»، فيما يعتبر اكبر مشروع لرعاية شركة لمشروع ثقافي في فرنسا حتى الان فقد تطلبت اعمال التجديد تعاون العديد من خبراء في عدة مجالات مختلفة، من مرممي التماثيل الى الذين يصلحون الشقوق في الرخام. بل وتم استخدام مجموعات من عمال الكهرباء الذين لم تكن مهنتهم معروفة في القرن السابع عشر، لتجديد أسلاك الثرايا. كما جرى استدعاء فينسنت غور وهو حرفي من جنوب فرنسا، لترميم المرايا المركبة على حوائط القاعة وتنعكس عليها حدائق القصر الفاخرة. ويفتخر غور بأنه استبدل 48 مرآة فقط من بين 357، وفي عديد من الحالات باستخدام مرايا قديمة زئبقية عثر عليها في مجلس الشيوخ الفرنسي.
واضاف غور خلال حفل اعادة افتتاح القاعة للجمهور «تم استبدال بعض المرايا في اوائل القرن التاسع عشر، ولكن 60 في المائة من تلك المرايا كانت موجودة من عهد لويس الرابع عشر. هذا مكان ساحر، شاهد على عصر».
وتعكس معظم المرايا عمرها، فالبعض اصبحت مدخنة بحكم الزمن وهناك مرآة محفور عليها اسم رينيه وايما 1842 ويبدو انهما زارا القصر ورغبا في تسجيل زيارتهما.
وقال غور «هذه مرايا قديمة، ولذا علينا الاختيار بين استبدالها او الحفاظ على الماضي، وقد حفظنا عليها».
وكانت اكثر اعمال الترميم تحديا تتعلق باللوحات، التي تعتبر تقديرا لانتصارات لويس الرابع عشر العسكرية في الحروب الهولندية في الستينات والسبعينات من القرن السابع عشر. وظهر في هذه اللوحات لأول مرة كشخص عادي بدلا من شخصية اسطورية. واللوحات مرسومة كحدث روائي تنتقل من الحرب الى السلام. واوضحت فيرونيك سورانو من فريق الترميم «كل اللوحات صممها الفنان لوبرون باستخدام مئات من الرسومات. ثم جرى رسمها على القماش ولصقت بالقبو. وكان لوبرون يعمل مع فريق ولكن ليست لدينا معلومات عما اذا كان قد شارك في رسمها ام لا». ويصحب كل لوحة وصف، يكون، تقليديا، باللاتينية. ولكن في هذه الحالة، ولاول مرة، كتب بالفرنسية، وكان كاتب الوصف المسرحي الفرنسي الشهير راسين والشاعر نيكولاس بويلو. ويصحب كل لوحة ايضا تاريخ الحدث المرسوم، مثل «عبور الراين في وجود الاعداء 1672».
واللوحة الرئيسية «الملك يحكم بنفسه» تسجل اللحظة التي صعد فيها الملك على العرش عام 1643 وعمره اربع سنوات. وقد مات في عام 1715 قبل اربعة ايام من عيد ميلاده السابع والسبعين.
وهذه اللوحة، مثل العديد من اللوحات الاخرى، في حاجة الى اعادة لصقها على الحائط، وازالة الالوان من عمليات الترميم السابقة، واعادة رسم الاجزاء التي لحق بها الضرر واخيرا وضع طبقة عازلة جديدة.
وقالت سورانو «الفكرة هي ازالة ما يخفي الاصل. ولكن اذا ما ضاع الاصل، فإننا نترك أي عملية اعادة تلوين سابقة في اطار تاريخ اللوحة. وكان علينا بالنسبة لبعض اللوحات اجراء عملية ترميم كبيرة، ولكن بعض اللوحات الاخرى كانت في حالة جيدة. والفكرة هي الحفاظ على الوضع الحالي للوحات».
وبعد تحقيق ذلك اصبحت قاعة المرايا مستعدة لاستقبال اكثر من ثلاثة ملايين زائر يتوجهون الى قصر فرساي سنويا. الا ان عمليات ترميم القصر مستمرة حتى عام 2020. ويتكلف المشروع 455 مليون دولار. وقد تم تنظيف بعض الواجهات وتركيب اسقف جديدة. وعمليات الصيانة لا تنتهي في قصر به 700 حجرة و2153 نافذة و 352 مدخنة وما مساحته 28 فدانا من الاسقف. ولكن لم تكن هذه مشكلة تثير قلق لويس الرابع عشر عندما قرر بناء مثل هذا القصر
الأربعاء سبتمبر 10, 2008 8:30 pm
